عشرة اسئلة مع أول إماراتية تشارك في سباق الهجن

AFR_1516 (1)

تُعتبر سباقات الهجن من الرياضات الأصيلة التي مارسها العرب وتوارثتها الأجيال حتى يومنا هذا، هي قديمة قدم التاريخ نفسه. في شبه الجزيرة العربية، الموطن الأصلي الجمال العربي، يمكن إرجاعه إلى الفترة الإسلامية المبكرة على الأقل، في القرن السابع الميلادي. ورغم شهرة هذه الرياضة في الشرق الأوسط بين العرب وخاصة في منطقة الخليج وعلى رأسها دول كالإمارات، السعودية، قطر، سلطنة عُمان، إلا أنها تحظى بشعبية فى شمال أفريقيا، ألمانيا واستراليا وتُنظم له المسابقات المختلفة.

من أهم الشروط التي يجب أن تنطبق على الهجن المشاركة في هذه السباقات أن تكون من سلالات عربية أصيلة حتى تكون مؤهلة للجري السريع بما يؤهلها للفوز، كما يجب أن تكون ذات رقبة طويلة وسنام واحد ووزنها يتراوح ما بين 500 إلى 600 كجم، كما يجب أن تتميز بالرشاقة وسريعة الحركة ولديها القدرة على تحمل الجري لمسافات طويلة وقابلة للتدريب. سباقات الهجن كغيرها من الألعاب الرياضية تحمل قدر من المخاطرة من سقوط الركيب المربوط أعلى الهجن مع السرعة الفائقة فى هرولة الجمل.

وعلى الرغم من السيطرة الذكورية الظاهرية على عالم ركوب الهجن، الا أن سباق رحلة الهجن التمهيدي لمارثون اليوم الوطني الإماراتي الـ 50 الذي تم تنظيمه فى منتصف نوفمبر الماضي أول مشاركة نسوية، حيث نجحت فتاتان إماراتيتان للمشاركة لأول مرة في السباقات الرسمية لامتطاء الهجن في ظاهرة جديدة على صعيد الرياضات التراثية.   

Videos by VICE

خولة البلوشي، 28 عامًا، شاركت في الشوط الأول للفئة السنية تحت 18 إلى 29 سنة، وحكيمة غيث في الشوط الثاني للفئة السنية فوق 30 سنة، وتمكُن كل منهما باجتياز خط النهاية بنجاح في افتتاحية الموسم ضمن السباق الذي نظمه مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، في دورة المرموم بنادي دبي للهجن. البلوشي التي تعمل كمحلل أول بقسم الاستراتيجية بدائرة الاقتصاد والسياحة بمدينة دبي حاصلة على الماجستير في البيئة والتنمية الدولية. تحدثت في مقابلة عبر منصة زووم حول مشاركتها كأول إماراتية في سباقات الهجن.

VICE عربية: مرحبا خولة. بداية ما علاقة البيئة والاقتصاد بسباق الهجن؟
خولة البلوشي:
(تضحك) ماله علاقة، مجرد صدفة بدأت بالبحث على الإنترنت مع أحد صديقاتي وعثرنا على إعلان من مركز “حمدان بن محمد لإحياء التراث” يُشجع الفتيات الإماراتيات للمشاركة في رحلة الهجن التي تُقام في ديسمبر من كل عام وقررت الإنضمام للرحلة. كطفلة صغيرة، كنت أتابع سباقات الهجن على التلفزيون، وكان لدي فضول لمعرفة تفاصيل هذه السباقات وكنت أتساءل دوماً “ترى ليش كلهم رجال.” في ذلك الوقت، ولكن لم يكن لدي شغف بالرياضة بالمعنى الناضج، ولكن ساقتني الظروف وتشجيع ودعم مركز حمدان للمشاركة في الماراثون وأصبح من أوائل النساء الإماراتيات بهذه الرياضة.

لقد حظيت أنا وحكيمة بدعم وتحفيز من سعادة عبدالله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز “حمدان بن محمد لإحياء التراث” لنكن أول فتاتين إماراتيتين تُشارك في تاريخ ماراثون الهجن. حقيقي لم أكن اخُطط للمشاركة في السباق، كنت أود فقط الانضمام لرحلة الهجن، ولكن نجحنا أنا وحكيمة في اللحاق باليوم التمهيدي للمارثون لننطلق للمستويات الأخرى خلال الفترة المقبلة. 

هل كنت تُمارسين رياضات أخرى قبل صدفة امتطاء الهجن. لا أعتقد أن انخراطك السريع والفعال بالتدريبات يأتي من فراغ؟
نعم، لا شك أن ممارستي لعدد من الرياضات المفضلة مثل تسلق الجبال والغوص الحر، وتمرينات اللياقة البدنية ساعد في تقليل احتياجي لفترة تدريب طويلة لأصُبح جاهزة لسباق الهجن. أظن لو لم تكن لدي هذه الخلفية من اللياقة والقوة ربما احتجت لوقت أطول في التدريبات اليومية، حيث علينا امتطاء البعير لمدة 40 دقيقة لمسافة 8 كيلومترات وتعلم كيفية التعامل مع الإبل والتحكم به في السباق.

ما هو أصعب جزء في هذه الرياضة؟
الأمر يعتمد على تحقيق التوازن على البعير، سبحان الله كل هجن له “سَنم” مختلف. التوازن هو صعب وهام جدًا. طبعاً أثناء السباق نكون مربوطين من أجل الأمان طبعًا، ولكن أثناء التدريب لا يتم ربطنا لنتعلم التوازن. يوميًا بعد انتهاء دوام عملي، أقضى ساعتين في التدريب، ورغم مدته القصيرة الإ إنه صعب للغاية، لأننا نتدرب على مسافة 8 كيلو متر يخب فيها البعير، والخَب هو الجري البطيء، حيث تصل سرعته من 16 إلى 20 كم في الساعة، وهو أصعب من ركض الهجن السريع الذي يصل لـ 45 كم في الساعة، السرعة لا تجعلك تشعرين بالإرهاق عكس الجري والحركة البطيئة، حيث تشعرين بكل حركة. غالبًا يشعر البعير بالإرهاق في آخر 2 كم ويخب في السباق، وعندما يحصل ذلك، نكون متدربات وجاهزات على هذه الحركة، ولا نتأثر لأننا بالفعل تدربنا على مسافة 8 كم.

هل تخافين من السقوط؟
مافي خوف. لأننا حصلنا على جميع التدريبات قبل السباق من ناحية الحفاظ على التوازن واستخدام الأرجل للثبات على الجمل، بالإضافة إلى التعود على الجري مع الجمل لمدة ٣٠-٤٠ دقيقة يوميًا لاكتساب الثقة والمهارات اللازمة للسباق والتدريب على استخدام الخوذة، والحزام للسلامة والثبات على الجمل والتعود على حركة الجمل أثناء الهرولة والجري.

ماذا تفعلين لتهدئة أعصابك قبل الدخول إلى السباق؟
في بداية السباق، أشعر بالتوتر؛ ولكن ليس من الهجن، بالعكس، فهي تعطيني إحساس بالأمان، ولكن التوتر من مواجهة الجماهير، وأحاول التغلب عليه بتمرينات التنفس العميق وكذلك قراءة القرآن الكريم، والتركيز على تعليمات وتشجيع المدرب. تشجيع أصدقائي خلال الماراثون يبعث الحماس في نفسي كثيرًا.

هل هناك أمور معينة يجب الإنتباه إليها خلال السباق والتي قد تحدد النجاح؟
بشكل عام، العلاقة مع البعير هامة جدًا، يجب على راكب الهجن معرفة كيف يتعامل مع الهجن بشكل لطيف حتى عندما لا يسمع الكلام. مرات البعير ما بيسمع الكلام، تبغيه يسير يمينًا ولكنه يرفض، يجب أن يكون الراكب واعيًا ولديه قدرة على التعامل الصحيح مع البعير وتفهم حاجاته. أثناء السباق، من المهم جدًا التركيز على عملية التنفس لتخفيف التوتر، والقيام بتمارين تمدد للعضلات، وانقاص الوزن قدر الإمكان لعدم إعاقة الجمل في الجري، والتركيز على الوصول بسلامة بغض النظر عن النتيجة.

i-7SX9FkW-X4.jpeg

هل كان عليك إنقاص وزنك، هل هناك وزن مثالي للمتسابق؟
نعم، اتبعت نظام غذائي منتظم لإنقاص وزني قبل أسبوعين من السباق، حيث كنت أتناول الإفطار والغذاء، ويكون الغذاء ثقيل لإنه آخر وجبة في اليوم، ومن الساعة ١٢ إلى وقت النوم، أتناول موزة واحدة. نجحت في إنقاص ٣ كيلو (وزني الآن ٥٠.٢ كيلو) من دون تعريض صحتي للخطر. ليس هناك وزن مثالي، الأمر يعتمد على الجمل وعمره ووزنه. لكن طبعاً، كلما كان الوزن أقل كلما كان أفضل للسباق.

من أين تأتي المتعة في امتطاء الهجن؟
لا أستطيع وصف ذلك بالكلمات، شعور رائع أن تركضي على البعير وتُصبحين جزء من هذه الطبيعة وسط هذه الكثبان الرميلة اللانهائية. في السباق التمهيدي الأول كنت مبتسمة طوال الوقت، منذ أول دقيقة لحد النهاية، كنت أشعر أنني أطير، فسرعة البعير تصل لـ 45 كيلو متر في الساعة. لم أشعر بالخوف أو التوتر، كنت سعيدة فقط. الجِمال كائنات جميلة جدًا ووديعة للغاية وتشعرك بالسعادة والطاقة الإيجابية.

ما هي الصورة النمطية السلبية التي تودين تغييرها عن مسابقات ركوب الجمال؟
إنها سباقات يُستخدم فيها الأطفال الصغار، ولكن أبغى تغيير هذه الصورة، لقد تم حظر استخدام الأطفال في الإمارات منذ سنوات طويلة ومعاقبة مستخدميهم وتعويض هؤلاء الأطفال. هذه الرياضة ليست محصورة بالرجال كذلك كما يعتقد البعض، بل يمكن التدرب والمشاركة في السباقات للفتيات والنساء من سن ١٢ فما فوق. (كان يتم استخدام الأطفال من دول آسيوية في سباقات الهجن بسبب خفة وزنهم، قبل أن تحظر الإمارات وغيرها من دول الخليج استخدام الأطفال في عام 2005).

ماذا تقولين للنساء الراغبات في تجربة هذه الرياضة؟
بداية، لا يوجد شيء اسمه رياضة للنساء أو الرجال فقط. الزمن تغير والمرأة الإماراتية والعربية عامة لم تعد كما كانت عليه قبل 60 عامًا. مسابقات الهجن، هي رياضة جميلة مارسها الأجداد، وأنصح كل النساء في عالمنا العربي أن يمارسوا هذه الرياضة. أتمنى أن وجودنا أنا والأخت حكيمة في ماراثون الهجن سُيشجع غيرنا من النساء، ويكون مُلهما وداعمًا لهن لكسر ما تبقى من هذه الصور النمطية التي تُحاصرنا كنساء وتفرض علينا رياضات دون غيرها، تحت شعار إنها للرجال فقط. هناك دعم وتمكين حقيقي للنساء من جانب الدولة في الإمارات، ولكن يبقى التغيير أن يكون داخلي، وأن تؤمن النساء بقوتهن وثقتهن بأنفسهن تجعلهن ينفتحون على كل المجالات، لأن البِنية تقدر تسوي كل شيء.

-من المقرر أن يقام ماراثون رحلة الهجن في دبي يوم 14 يناير المقبل.